دراما الرباط: كيف حوّل التعادل مباراة الجيش الملكي والأهلي إلى مسرح للتوتر والانفعالات؟
هل يمكن أن تُغيّر كرة قدمٍ واحدة مجرى مباراة؟ في الرباط، لم يكن الأمر مجرد كرة... بل لحظات من التشنج، وإلغاء هدف، وزجاجاتٍ متطايرة، وأمنٍ يتدخّل لإنقاذ مباراة من الانفجار. في واحدة من أكثر مواجهات دوري أبطال إفريقيا توتّرًا، اكتفى الجيش الملكي المغربي وضيفه الأهلي المصري بالتعادل 1-1، لكن ما وراء النتيجة كان أكثر إثارةً من الهدفين.
دراما الحكم والإلغاء: اللحظة التي أوقدت الفتيل
كان الشوط الثاني من مواجهة الجمعة على ملعب الأمير مولاي الحسن، مسرحًا لواحدة من أبرز المفارقات التحكيمية في الجولة الثانية من دوري الأبطال. فبعدما بدا أن الجيش الملكي سيتقدم بهدف ثانٍ، تدخّل الحكم الليبي أحمد الشملاني وألغى الهدف بداعي التسلل. القرار أشعل غضب لاعبي الفريق المغربي، وسرعان ما تحوّل إلى مشادة كلامية مع نظرائهم في الأهلي، استدعت تدخل الأمن وتوقف اللعب لخمس دقائق كاملة.
وإلى جانب الجدل التحكيمي، اشتكى لاعبو الأهلي من تعرضهم لإلقاء أدوات حادة وزجاجات فارغة من المدرجات، ما يعيد إلى الأذهان مخاوف أمنية عادةً ما ترافق المواجهات المحتدمة بين الأندية الإفريقية الكبرى.
أهداف المباراة: من ركلة جزاء مُهدرة إلى رأسية تريزيغيه الحاسمة
في الدقيقة 38، تفوّق الجيش الملكي بفضل هجمة مرتدة سريعة أدت إلى احتساب ركلة جزاء إثر لمسة يد على المالي أليو ديانج. اعترض لاعبو الأهلي بشدة، لكن القرار وقف. تقدّم قائد الجيش محمد ربيع حريمات لتنفيذ الركلة، لكن كرته القوية صدّها الحارس أحمد الشوبير، لترتد إلى محسن بوريكة الذي وضعها في الشباك.
وفي الشوط الثاني، استعاد الأهلي زخمه الهجومي، ونجح البديل التونسي محمد علي بن رمضان في تمريرة عرضية دقيقة تلقّفها "تريزيغيه" برأسية متقنة هزّت شباك الحارس المخضرم أحمد رضى التكناوتي عند الدقيقة 68، ليُنقذ فريقه نقطة ثمينة في ظل غياب عددٍ من نجومه الأساسيين.
تحليل تكتيكي: لماذا كان التعادل "انتصارًا" للأهلي؟
رغم انتقاد مدرب الأهلي الدنماركي يس ثوروب لأداء فريقه، فإن الواقع يفرض أن النتيجة كانت منطقية في سياق الظروف. فالأهلي، الذي لعب دون عددٍ من لاعبيه الأساسيين بسبب الإصابات والتوترا، تمكن من الصمود أمام جماهير معادية في ملعبٍ يُعدّ من أكثر الملاعب صعوبة على الضيوف في القارة.
من الناحية التكتيكية، اعتمد الجيش على الضغط العالي والهجمات المرتدة، مستغلًا سرعة جناحيه، بينما ركّز الأهلي على التحكّم بالمنتصف، مستخدمًا خبرة لاعبيه في إدارة الإيقاع. ومع غياب التنظيم الدفاعي الدقيق لدى الفريق المغربي في الدقائق الأخيرة، كاد الأهلي يخطف هدف الفوز لولا يقظة دفاع الجيش.
انعكاسات النتيجة: من يقود المجموعة الثانية؟
بفضل هذه النقطة، يحافظ الأهلي على صدارة المجموعة الثانية برصيد 4 نقاط، متقدّمًا بفارق الأهداف على يانغ أفريكانز التنزاني الذي تعادل سلبيًا مع شبيبة القبائل الجزائري. أما الجيش الملكي، فيخرج بأول نقطة له بعد خسارته في الجولة الأولى أمام يانغ أفريكانز، ليحتل المركز الثالث مؤقتًا.
مواجهات جانبية: توتر آخر في القبائل
في ذات المجموعة، شهد لقاء شبيبة القبائل ويانغ أفريكانز توتّرًا آخر، حيث توقفت المباراة لفترة وجيزة بعد إلقاء جماهير ملعب 1 نوفمبر زجاجات على حارس مرمى الضيوف. الحادث يطرح تساؤلات جادة حول كفاءة الإجراءات الأمنية في الملاعب الجزائرية خلال المنافسات القارية.
لقطات من المجموعات الأخرى: بركان يقلب الطاولة في نيجيريا
في المجموعة الأولى، قدّم نهضة بركان المغربي عرضًا قويًّا في مواجهة ريفرز يونايتد النيجيري، حيث قلب تأخره بهدف ناتج عن هدف عكسي (37) إلى انتصار مثير 2-1 في الوقت بدل الضائع. يونس الكعبي عدّل النتيجة بدقيقة 90+7، قبل أن يُنهي منير الشويعر المباراة بدقيقة 90+8.
أما في المجموعة الثالثة، فشهد ملعب 5 جويلية في الجزائر تعادلًا سلبيًّا بين مولودية الجزائر وماميلودي صنداونز الجنوب إفريقي، في مباراة افتقرت للخطورة رغم الزخم الجماهيري.
الخاتمة: ماذا بعد؟
يبدو أن المجموعة الثانية ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات، خاصةً مع تقارب النقاط والمستويات. ويبقى السؤال الأهم: هل يستطيع الأهلي الحفاظ على صدارته رغم التحديات؟ وهل سيعيد الجيش الملكي تنظيم صفوفه قبل مواجهة يانغ أفريكانز الحاسمة؟
مع اقتراب الجولة الثالثة، ينتظر عشاق الكرة الإفريقية مزيدًا من الدراما، لا سيما أن القرعة النهائية للدور ربع النهائي ستحدد ملامح المنافسة الحقيقية في الأسابيع القادمة.
